تسلل شاب يافع بين حظائر المواشي في العاصمة المقدسة واندس في إحدى الحظائر وخرج وفي يده عدة أكياس من النشوق. وبدأ في استخدام «الشمة» وسط عدد من زملائه الذين كانوا في انتظاره خارج نطاق الحظائر.وأجمع عدد من أهالي العاصمة المقدسة أن بيع النشوق ينتشر بين الحظائر في سوق الماشية بحي الشرائع، مؤكدين أن هناك مواقع لبيع النشوق بواسطة وافدين، وأكثر المتعاملين مع هذه المادة مراهقون وفضوليون غير مدركين بأن النشوق مدمر للصحة، وأنه أحد أسباب سرطان الفم، حيث يتستر عدد من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل بتأشيرة عمل كراع، لبيع النشوق أو ما يسمى «الشمة» على الشباب والمراهقين وطلاب المدارس، غير عابئين بالمخاطر التي يلحقونها بالمجتمع بتصرفاتهم المخالفة. «عكاظ» تجولت في سوق المواشي بالشرائع ورصدت عمليات التمويه التي يتخذها الباعة لترويج سمومهم بين الشباب.
وما إن دخلنا في نطاق حظائر الماشية قرب مجازر الشرائع حتى اقترب منا عدد من الباعة الوافدين الذين يتسترون ببيع الماشية وعرضوا علينا شراء أغنام، وحين اطمأنوا لنا، بعد أن تجاذبنا معهم أطراف الحديث، عرضوا علينا النشوق، فانتهزنا الفرصة وأظهرنا لهم عدم اكتراثنا للتجاوزات التي يرتكبونها، ووجهنا لهم بعض الأسئلة دون أن يدركوا أنها مهمة صحفية.
وفي هذا السياق أوضح أحد الباعة أنه يبيع من 100 إلى 200 كيس نشوق يوميا، موضحا أن قيمة الكيس الواحد ريال، وغالبية من يستخدمها هم طلاب المدارس والمراهقون.
وذكر البائع أنه يأتي للمجازر يوميا من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة العاشرة ليلا، وأن محصلته اليومية في بعض الأوقات تصل إلى 300 ريال يوميا، بينما أشار زميله إلى أنه يعمل في إحدى حظائر الماشية، ويبيع النشوق وقت الفراغ، ملمحا إلى أن زبائنه من جميع الفئات العمرية، وإن كانت الأغلبية من فئة الشباب. وأضاف بائع النشوق: إن ساعات الصباح الباكر هي أفضل الأوقات لإعداد النشوق في إحدى زوايا المجزرة، مبينا أنهم يصنعون ألف كيس تقريبا في ثلاث ساعات يوميا، موضحا أن عدد الذين يبيعون السموم في المجزرة يتراوح عددهم أكثر من 20 شخصا.
وفي الموقع التقت «عكاظ» عادل الجهني، والذي جاء لشراء ذبيحة من السوق، فأوضح أن حظائر الأغنام المنتشرة في الشرائع تبيع مادة النشوق، مطالبا الجهات المختصة بالتدخل سريعا لضبطهم وحماية الأبناء والمراهقين منهم. وذكر الجهني أنه توصل إلى هذه المعلومة حين سأل أحد المراهقين عن مصدر كيس النشوق الذي كان بحوزته، مستغربا تستر أولئك العمال ببيع الماشية للترويج لمثل هذه السموم.
من جهته، أوضح موسى القرني عن مخاوفه من انتشار النشوق بين الشباب خصوصا المراهقين، مطالبا بتدارك الوضع سريعا قبل أن تتفاقم أخطاره.
وحذر أحمد الزهراني أحد معلمي المرحلة الثانوية من انتشار النشوق بين الطلاب، ملمحا إلى أن متعاطيها يتزايدون يوما بعد آخر، وأنهم يكتشفون بشكل شبه يومي متعاطين جددا للنشوق، وأن المجتمع برمته معني بمكافحة هذه السموم، مطالبا في نفس الوقت أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم والتعاون مع المدرسة في حمايتهم من الأخطار. وأشار الزهراني إلى أن طلاب المدارس هم أكثر الضحايا وهم يستهلكون هذه المادة بقصد الكيف والتفاخر بما لا يجدي لهم نفعا، وقد نجد الطلاب في وقت الاستراحات بين الحصص يستغلون الأوقات لاستخدام هذه المادة وقد وضعت إدارة المدرسة عقوبات على من يكتشف استخدامه لهذه المادة.
ومن جانب آخر، أوضح الدكتور إسماعيل البندري أن الشمة والمدغة والنشوق والسويقة وجوه متعددة لعملة واحدة، ونبات التبغ أو التنباك وأجناس أخرى من عائلة هذه المواد، وأن المعلومات تفيد بأن النشوق يحتوي على 28 مادة مسرطنة ويتكون من العطرون، الملح، أوراق التبغ الخشن الذي لا يعرف عن مصدره شيء ويترك حتى يتخمر ويسف تحت اللسان أو بين الشفاة. وأضاف: إن هذه المواد تستخدم لعمل السجائر المعدة للتدخين ولعمل الشمة ولعمل السويقة أو النشوق أو المدغة، موضحا أن اعتدال المزاج بهذه المكونات مجرد أوهام يصنعها الذين يتعاملون مع الشمة وغيرها من المواد الخطرة. وتابع أن النيكوتين عبارة عن مادة شبه قلوية شديدة السمية والجرعة القاتلة منها لشخص بالغ تقدر بحوالي 40 إلى 60 ملليغراما فقط، أما الجرعة السامة التي يبدأ عندها ظهور أعراض التسمم هي: غثيان، استفراغ، فتبدأ من تناول 2 إلى 5 ملليغرامات من مادة النيكوتين.
وأضاف: إن استخدام النيكوتين يؤدي إلى تهيج وتنبيه يتبع ذلك أعراض التسمم بالنيكوتين وتشمل الغثيان، الاستفراغ، زيادة في إفراز اللعاب وإفراز الدموع والشعور بالحرقة في الفم والحلق والصداع وارتفاع ضغط الدم، وسرعة حركات القلب، وسرعة وزيادة معدل التنفس.
وفي موازاة ذلك أوضح مصدر في جوازات منطقة مكة المكرمة، أن باعة النشوق يصنفون ضمن الباعة الجائلين وليس لهم مكان محدد، مشيرا إلى أنه يجري التنسيق عادة بين دوريات البحث والتحري التابعة للجوازات وأمانة العاصمة المقدسة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم. وحثت المواطنين على التعاون مع الجهات المعنية لضبط أولئك المخالفين بالاتصال على الرقم (992).